أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

مقدمة في النقد الأدبي

 مقدمة في النقد الأدبي 

عندما تقرأ عملا أو نضا أدبيا ، شعرا كان أم نثرا ، وتبدي إعجابك به فأنت تحكم لصالحه ، وإذا كنت قد مضيت إلى أبعد من الإعجاب المجرد ، فشرحت مثلا أسباب الإعجاب ، ووضحت مزايا العمل أو النص الأدبي فهذا يعني أنك تنقذه ، أي إنك ناقد ، ويبدأ النقد بانطباع يتركه العمل أو النص وينتهي بحكم ؛ وهذا النقد يجب أن يقوم على ذوق مرهف وإحساس عال ، وثقافة متنوعة . 


إن كلمة نقد لغة 

تعني تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، وهذا هو المعنى اللغوي . أما المعنى الاصطلاحي للنقد الأدبي فهو يعني التمييز بين الأساليب ، أو هو الكشف عن مزايا الأعمال أو النصوص الأدبية ، أو عيوبها ، ومواطن الخلل والضعف والركة في بنائها ، أو دراستها وتقويمها من أي نوع سواء أكانت شعرا أم نثرا أم عملا مسرحيا ، إذ يوليها الناقد اهتمامه بالتحليل والفحص والوصف باحثا عن مظاهر الجودة والإبداع والابتكار فيها ، ليحكم على روعة العمل أو النص الأدبي من جهة أو ضعفه من جهة أخرى ، وللنقد الأدبي في ذلك التحليل والفحص والوصف والتقويم مناهج واتجاهات نقدية مختلفة . وقد نشأ النقد منذ أن نشأ الأدب معه أو بعده بقليل ، ونقول معه ؛ لأن الأديب نفسه يمكن أن يكون ناقدا لعمله أو نصه ، إذ ينشىء العمل أو النص فيقومه ويعدله ، أو يستبدل كلمة بأخرى أو يقدم ويؤخر إلى أن يستكمل عمله أونصه . ولقد عرف العرب النقد منذ عصر ما قبل الإسلام ، فحلّلوا النصوص الأدبية وحكموا عليها بالجودة أو الضعف ، ويدلنا تاريخ النقد على مواقف عدة لهذا الجانب ، ثم استمر تنامي الاهتمام بالنقد في العصور التي تلت عصر ما قبل الإسلام ، فقد وضع النقاد كتبا مهمة في النقد وناقشوا فيها قضايا الشعر والشعراء . 


وقبل أن نتحدث عن تاريخ النقد عند العرب ، لا بد لنا من معرفة الشروط التي يجب أن تتوافر في الناقد ؟ وما الذي يستهدفه الناقد وأين تكمن مهمة الناقد ؟ بعمله ، وهي :


  1. أن يكون لديه استعداد فطري أو موهبة أو إلهام . شروط الناقد : إن النقد بوصفه نشاطا إنسانيا يعتمد على مناهج مختلفة لفحص الأعمال أو النصوص الأدبية ، وإن من يقوم بهذا النشاط هو الناقد ؛ لذا يجب أن تتوافر فيه شروط تؤهله للقيام
  2.  أن يحصل على معلومات ثقافية ومعرفية واسعة
  3. فهم الأعمال أو النصوص .
  4. أن تكون للناقد القدرة والإحاطة باللغة والقدرة على التفسير والتحليل والتقويم وإصدار الحكم الصائب ، فضلا عن معرفة الناقد بطبيعة المناهج الأدبية ودراستها .


وتحدد مهمة الناقد بالمحاور الآتية : القارئ ( المتلقي ) ، المبدع ( المؤلف ) ، العمل أو النص الأدبي .


النقد عند العرب 

كنا قد ذكرنا في بداية الحديث عن النقد أن العرب ، قد عرفوا النقد منذ عصر ما قبل الإسلام ، وإن كان اهتمام العرب في هذا العصر بالشعر أكثر بكثير قياسا إلى النقد ، ومع هذا نجد إشارات واضحة في التاريخ تشير إلى مواقف نقدية عدة ومنها أن الشاعر النابغة الذبياني كانت تضرب له قبة حمراء من الجلد ( خيمة ) في سوق عكاظ ، وكان الشعراء يأتون إليه ليعرضوا عليه أشعارهم ، وقد أنشد الشاعر الأعشى فأعجب به ، ثم أنشده حسان بن ثابت ، ثم أنشدته الخنساء شعرا في رثاء أخيها صخر : قدى بعينيك أم بالعين غوار أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار وإن صخرا لتأتـم الهـداه بـه كـأنـه عـلـم في رأســـه نـــار فأعجب بالقصيدة ، وقال : لولا أن أبا البصير- ويعني الأعشى- أنشدني قبلك لقلت إنك أشعر الجن والإنس . . ومثل هذه المواقف وغيرها تشير إلى الحس النقدي عند العرب ، ثم تطور النقد بعد ذلك فيما تلا هذا العصر ، فظهر نقاد ووضعت الكتب النقدية لدراسة الشعر والشعراء وتصنيفهم ، ويمكن أن نتوقف عند أهم الإنجازات النقدية عبر مصطلحات النقد التي احتوت على التحليل والتعليل لدى النقاد العرب ومنها :


  1. الموازنة : وتعني المفاضلة بين شاعرين أو أكثر للوصول إلى حكم نقدي ، وتعقد الموازنة بين شاعرين في عصر واحد (مثل شاعرين من العصر العباسي) ، أو لتشابه الأغراض الشعرية (  مثل شاعرين بالهجاء أو الرثاء أو أي غرض آخر   )     أو تميزهما في فن شعري معروف ، ومن كتب الموازنة هو كتاب الآمدي  (الموازنة ) الذي وازن فيه بين شاعرين كبيرين هما أبو تمام والبحتري .
  2. السرقات الشعرية : وهو أن يأخذ الشاعر اللاحق من السابق أخذا باللفظ أو المعنى ، وقد عاب النقاد ذلك على الشعراء وعدوه من كبير مساوئ الشاعر . 
  3. الفحولة : وهي مقياس فني لنجاح الشاعر ومقدرته العالية في الشعر ، وأول من استعمل هذا المصطلح هو الأصمعي في كتابه ( فحولة الشعراء ) .
  4. الطبقات : وهو مقياس درجة الفحولة لدى الشاعر ، وقد وضعه ابن سلام الجمحي في كتابه ( طبقات فحول الشعراء ) ، وقد صنف الشعراء إلى طبقات على وفق معيار الفحولة .
  5. الطبع والصنعة والتكلف : يقصد بالطبع الشجية أو الفطرة التي جبل عليها الإنسان ، أما الصنعة فتعني الصعوبة والمشقة في تكلف الأمر كشوء نسج الشعر ، أو عدم ظهور المعاني ، والتكلف هو رداءة الصنعة . وممن كتب بهذا هو ابن قتيبة في كتابه ( الشعر والشعراء ) .
  6. عمود الشعر : وهو مجموعة الخصائص الفنية التي شكلت القواعد القديمة للشعر العربي ، أي التقاليد الشعرية المتوارثة أو السنن المتبعة عند شعراء العربية .


 وقد تحدث الآمدي عن هذا المفهوم في كتابه ( الموازنة بين أبي تمام والبحتري ) . بقي أن نشير إلى أن هذه المصطلحات أوجدها النقاد العرب القدامى لدراسة الشعر والشعراء ، إلا أن النقد والنقاد حديثا أوجدوا منهاجا جديدا لدراسة النصوص ، منها : المنهج التأثري ( الانطباعي ) ، والمنهج التاريخي ، والمنهج البنيوي .



مقدمة في النقد الأدبي

تعليقات